الخميس، 17 أبريل 2014

اقتباسات - الفيلسوف باروخ اسبينوزا

  إسبينوزا عاش بين (1632- 1677) فيلسوف هولندى كبير من أصل برتغالي يهودي ,وهو أحد أهم فلاسفة العقل والتنوير في القرن السابع عشر.






بعض من اقتباساته

ليست الغاية الأخيرة من الدولة التسلط على الناس أو كبحهم بالخوف , ولكن الغاية منها أن تحرر كل إنسان من الخوف كي يعيش ويعمل في جو تام من الطمأنينة والأمن . ويعيش في وئام مع جيرانه فلا يضرهم ولا يضرونه.

إنني أكرر القول بأن الغاية من الدولة ليست تحويل الناس إلى وحوش كاسرة وآلات صماء , ولكن الغاية منها تمكين أجسامهم وعقولهم من العمل في أمن واطمئنان . وأن ترشدهم إلى حياة تسودها حرية الفكر والعقل . كيلا يبددوا قواهم في الكراهية والغضب والغدر . ولا يظلم بعضهم بعضا . إن هدف الدولة هو الحرية , لأن عمل الدولة هو ترقية النمو والتطور , والنمو يتوقف على المقدرة وتوفر الحرية .

سبينوزا

                                      **********

إن القوانين التي تقيد حرية الكلام والفكر والنقد تهدم جميع القوانين في الدولة . لأن الناس لن يلبثوا زمنا طويلا على احترامهم للقوانين التي لا يجوز لهم نقدها . وكلما زادت الحكومة في مكافحة حرية الكلام وخنقها , كلما زاد الشعب عنادا في مقاومتها . لن يتصدى لمقاومة هذه القوانين أصحاب الشره والمال , بل أولئك الذين تدفعهم ثقافتهم وأخلاقهم وفضائلهم إلى اعتناق الحرية.
وينتهي سبينوزا كأي مواطن أمريكي دستوري صالح بقوله" لو جعلنا الأعمال وحدها أساس المقاضاة والمرافعة وتدخل القانون , وأطلقنا الحرية للكلام والنقد , لكنا بذلك قد جردنا الثورة من جميع مبرراتها ومسوغاتها "
فكلما قلت رقابة الدولة على العقل , ازداد المواطن والدولة صلاحا . وبينما نجد سبينوزا يعترف بضرورة الحاجة إلى دولة فهو لا يثق بها .ويعرف أن الحاكم مفسدة ويفسد الصالحين . ولا ينظر بعين الرضى إلى امتداد سلطة الدولة من أجسام الناس وأعمالهم إلى نفوسهم وأفكارهم. وهكذا فهو يعارض سيطرة الدولة على التعليم , وخصوصا في الجامعات . إن المؤسسات العلمية العامة التي تنفق عليها الحكومة لا تستهدف تنمية إمكانيات الناس الطبيعية بل تقييدها . إذ أن العلوم والفنون تزدهر أكثر في المعاهد العلمية الحرة .

ول ديورانت- عن اسبينوزا
*******
إن الخير والشر نسبيان وفي الغالب يعودان إلى أذواق البشر وغاياتهم , وعندما يبدو لنا أي شيء في الطبيعة مضحكا أو سخيفا , غامضا أو شراً , فذلك لأننا ليست لدينا سوى معرفة قليلة بالأشياء , وأننا جاهلون بنظام الطبيعة وتماسكها ككل واحد , ولأننا نريد أن تجري الأشياء وفقا لتفكيرنا وآرائنا , مع أن ما يعتبره عقلنا سيئا أو شراً ليس شرا أو سيئا بالنسبة لنظام الطبيعة وقوانينها الشاملة الكلية. بل بالنسبة لقوانين طبيعتنا الخاصة المنفصلة . أما بالنسبة لكلمة الخير والشر فإنها لا تدل على شيء ايجابي في حد ذاتها , لأن الشيء الواحد نفسه قد يكون في وقت واحد خيرا أو شرا , أو لا هذا ولا ذاك , كالموسيقى مثلاً فإنها خير بالنسبة إلى المنقبض النفس , وشر بالنسبة للنائح الحزين الذي فقد شخصا عزيزا عليه وهي ليست خيرا أو شرا بالنسبة للميت .

إنني لا أعزو إلى الطبيعة جمالاً أو قبحا ولا نظاما أو اضطرابا . والأشياء توصف بالجمال أو القبح والنظام أو عدمه بالنسبة لمداركنا وتصورنا فقط . فإذا كانت الحركة التي تستقبلها الأعصاب من الأشياء التي أمامنا بواسطة العين باعثة للصحة فإنها تسمى جميلة وإذا لم تكن كذلك تسمى قبيحة .

سبينوزا
 
*******

لا , ليس القصد من إقامة الحكومة هو تحويل الناس من كونهم كائنات عاقلة إلى بهائم أو دمى متحركة , بل المقصود منها هو تمكينهم من تنمية قدراتهم العقلية والجسدية في أمن.

باروخ سبينوزا
                                       *******

يميل الناس إلى الاعتقاد بأن الله يحطم النظام الطبيعي للحوادث من أجلهم وهكذا يرى اليهود في إطالة النهار معجزة لهم للتأثير على غيرهم وربما للتأثير على أنفسهم ودفعهم إلى الاعتقاد بأنهم شعب الله المختار , لأن البيانات الرصينة الحرفية لا تستهوي مشاعر الناس ولا تحرك نفوسهم , إذ لا يحرك نفوس الناس ويدفعها إلى الإيمان والعبادة والتصديق أكثر من المعجزات التي تحرك خيالها وعواطفها , فلو قال موسى لقومه إن الرياح الشرقية هي التي شقت لهم طريقهم في البحر الأحمر , لما كان لقوله أثر على عقولهم . ولهذا السبب لجأ الرسل إلى سرد قصص المعجزات كما لجأوا إلى سرد الأمثلة والحكايات التي تتناسب مع عقلية الشعب . إن تأثير الأنبياء والرسل الكبير على الناس بالمقارنة مع تأثير الفلاسفة والعلماء يعود إلى الأسلوب البياني الذي امتاز به أصحاب الديانات من الأنبياء والرسل بحكم طبيعة رسالتهم وشدة عواطفهم . ويقول اسبينوزا أيضا : إننا لو فسرنا التوراة على هذا الأساس لما وجدنا فيها شيئا يتناقض مع العقل . أما إذا فسرناها تفسيرا حرفيا , فأننا نجدها طافحة بالأخطاء والمتناقضات والأمور المستحيلة . وإذا أصيب هذا الدين بالعطب فهم سيخلقون دينا آخر ليحل محله .

ول ديورانت قصة الفلسفة


                                                      ************




لقد وجد التلميذ الشاب نفسه وحيداً بلا رحمة . لا شيء أكثر رعباً من الوحدة , وخصوصا فصل الإنسان عن بني جنسه , لقد تحمل سبينوزا فقدان إيمانه وعقيدته الدينية قبل الحكم عليه بالحرمان بوقت قليل , ولم يحاول اعتناق مذهب ديني آخر , وعاش حياته وحيداً , وطرده والده الذي كان يتوقع بروز ابنه وتفوقه في العلوم العبرانية . وحاولت أخته أن تحتال عليه لا نتزاع بعض حقه في الميراث القليل الذي ترك له . وتجنبه أصدقاءه . ولا غرابة أن لا نجد فيه ميلا للمرح والفكاهة عندما يتذكر من وقت لآخر بمرارة وألم حماة الدين والقانون الذين يصفهم بقوله : " هؤلاء الذين يريدون البحث عن أسباب المعجزات , وفهم ظواهر الطبيعة كالفلاسفة , والذين لا يكتفون بالتحديق فيها في دهشة كما يفعل الأغبياء , سرعان ما نعتبرهم ملاحدة كفرة . بينما ترفع عامة الشعب أولئك الذين يتصدون للفلسفة , وتعتقد فيهم العلم والقدرة على تفسير أسباب الطبيعة والآلهة . لأن الذين يتربصون بالفلسفة ورجالها يعلمون بأن إظهار الحقيقة وتبديد الجهالة , سيؤدي إلى إزالة الغشاوة عن قلوب الناس وعقولهم , لأن الجهل هو وسيلتهم الوحيدة للاحتفاظ بسلطتهم ونفوذهم.

ول ديورانت - قصة الفلسفة


                                       ******************


لم يكن اسبينوزا , لا روحانيا ولا صوفيا ولا حلوليا . وقد رأينا كيف يتوجب علينا استعمال كلمات أخرى بحذر شديد مثل الإلحاد والمادية , فإذا كانت تشير فعلاً إلى شيء ما فهي تشير إلى مواقف على مسرح استراتيجي أكثر مما تشير إلى وصف مضمون العقيدة .

في نهاية الأمر , إن الصفة التي أفضل ماتكون تناسبا لوصف الاسبينوزية , هي دون شك صفة "العقلانية" , إنها عقلانية مطلقة , والعبارة التي نستعيرها من غيرولت ومايترون لا يجب أن تخدعنا , فلا يعني ذلك القول إن العقل هو في كل مكان , ودفعة واحدة , بل يعني أن الواقع يفهم عقليا بشكل كلي , وأن لا شيء عندنا أفضل من العقل لنفهم الطبيعة , بما في ذلك طبيعة الإنسان . عقلانية تاريخية .

بيار - فرنسوا مورو





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق