الجمعة، 4 مارس 2016

فرناندو بيسوا .. اقتباسات

من نفس المكان

يضجر الناس 

وأنا من وجودي في ذاتي 
أليس خليقاً بيِ ان أضجر؟

روحي تبحث عني..
في الجبال والسهول..
ليتها لا تعثر ابداً عليِّ

هارباً من ذاتي أحيا.
وأنا بذلك حيّ


******

"لأجل ماذا تتطلع أنت إلى المدينة البعيدة؟
روحك هى المدينة البعيدة."
***
"كمن يبعد كوبا للغير أبعدت اللذة".

***

"كل إله جديد هو لفظة فحسب
لا تبحث. لا تؤمن. محجوبة هى الأشياء كلها".


***

"كل كوارث الدنيا تأتى
من تعذيب بعضنا للبعض
بنية فعل الخير أو نية فعل الشر".

***

"كتبت قصائد كثيرة
وعلىّ بالطبع أن أكتب أخرى
كل قصيدة لى تقول الشىء نفسه
كل قصيدة لى هى شىء مختلف
كل شىء هو طريقة مختلفة لقول نفس الشىء".

***

"أحس أن لى قيمة لأننى ولدت
فقط لأصغى إلى هبوب الريح".

***

"لو أرادوا كتابة سيرتى
بعد موتى فليس ثمة ما هو أسهل:
يوجد يومان – يوم ميلادى ويوم وفاتى –
كل ما بينهما من أيام لا يخص أحدا سواى".

***

"أحب تلك الورود المتقلبة، ورود ليديا
فى اليوم نفسه الذى
تولد فيه تموت:
نور خالد نهارها، به تتألق، وفيه تحترق.
وقبل أن تختفى عربة أبولو المجنحة
تموت.
لنجعل من ليديا حياتنا، حياة يوم واحد.
لنتناس أن الليل
موجود قبل وبعد القليل من
الزمن الذى ندومه".

***

"لا أريد الحقيقة
الحياة فقط أريد.
الآلهة يهبون الحياة،
لا يهبون الحقائق
ولا يعرفون ما هى الحقيقة".

***

"أنتم، أيها المؤمنون بكل مسيح ومريم
يا من تعكرون مياه ينبوعى الصافية
من أجل أن تقولوا لى فقط
بأن هناك مياها أخرى.

مستحما فى المروج فى أحسن الأوقات
لماذا تحدثوننى عن مناطق أخرى،
إذا كانت مياه ومروج الهُنا
تروقنى؟"

***

"مثل كل الناس أحببت وكرهت،
لكن إذا كان ذلك بالنسبة إلى الجميع أمرا طبيعيا
وغريزيا
فإنه كان عندى استثناء، صدمة.. وتشنجا".

***

"لقد حلمت بأكثر مما حلم به نابليون نفسه
ضممت إلى صدرى المفترض إنسانيات
أكثر مما ضم المسيح
شيدت فى السر فلسفات أكثر من كل ما كتب
أى كانط
لكن كنت وسأكون دائما مجرد ساكن غرفة فى
سطح".

***

"لقد عشت، درست، أحببت بل وآمنت حتى.
واليوم لا يوجد متسول لا أحسده على حاله، فقط
لأنه ليس أنا".

..................................


شخصيا أنتمى إلى من يوجدون دائما على هامش ما ينتمون إليه، لا ينظرون فحسب إلى الحشد الكبير الذى منه يتكونون، وإنما كذلك إلى الفضاءات الكبيرة الكائنة بجوارهم.

 ***
لو أمكن القلب أن يفكر لتوقف عن الحياة.

 ***
أعتبر الحياة شبيهة بنُزُل، علىّ أن أبقى فيه بلا حراك إلى أن تأتينى الهمة من الهاوية. لا أدرى أيّان تحملنى، لأننى لا أعرف شيئا. بإمكانى أن أعتبر هذا النزل سجنا، لأننى مجبر بداخله على أن أنتظر؛ بإمكانى اعتباره مكانا للاختلاط، لأننى أوجد هنا مع الآخرين. لست – مع ذلك جزعا ولا فظا. أترك لأولائك المحبوسين فى الغرفة أن يكونوا ما هم إياه. أولائك الملقى بهم خامدين على السرير حيث بلا أحلام ينتظرون؛ أترك من يتحدثون فى الصالات لأحاديثهم هناك حيث تصلنى باسترواح المعزوفات والأصوات. أحس بالباب مركزا عينى على ألوان وإيقاعات المشهد، وأغنى ببطء، أغنى لنفسى وحدها، أغانى غامضة أنظمها وأنا أنتظر.

*********


"إذا كان النقد الابتذالى لآبائنا قد أورثنا استحالة أن نكون مسيحيين، فإنه لم يورثنا، بالمقابل، الرضى بذلك. إذا كان قد أورثنا عدم الإيمان بالصيغ الأخلاقية المتحققة، فإنه لم يورثنا اللا مبالاة تجاه الأخلاق وتجاه قواعد العيش الإنسانى؛ إذا كان قد ترك المشكل السياسى بدون حل، فهو لم يدع روحنا لا مبالية إزاء كيفية حل هذا المشكل."


*********


"عالم اليوم هو عالم البلهاء وعديمى الإحساس والمهيجين. الحق فى العيش وفى النجاح يتم اليوم بنفس المبررات التى يتم بها الحجز فى مصحات الأمراض العقلية."



*********


"سأكون ما أرغب فى أن أكون، لكن علىّ أن أرغب أولا، علىّ أن أريد أى شىء"


*********


الحكيم هو من يضفى الرتابة على الوجود، بحيث يكتسب، حينئذ، كل حادث مهما صغر شأنه ميزة الأعجوبة.



*********

فى مواجهة المرآة يجلسون دائما كلما أمكنهم ذلك. يكلموننا ويغازلون بالأعين ذواتهم. أحيانا، وكما يحدث فى الخطوبات، يتسلون بالمحادثة. دائما بدوت لهم ظريفا لأن نفورى من مظهرى حثنى دائما على إدارة الظهر للمرآة. هكذا كنت، وهو ما استكشفوه غريزيا معاملين إياى معاملة طيبة على الدوام، هكذا كنت الفتى المطيع الذى ترك لهم دوما منصة الزهو خالية.

*********


 لأننى أعرف كيف تمتلك الأشياء الأشد صغرا فن تعذيبى بسهولة، لذلك أتفادى ملامسة أصغر الأشياء. من يتألم مثلى لمرور غيمة أمام الشمس، كيف لا يكون عليه أن يتألم لعتمة النهار المغطى على الدوام بغيمة حياته هو؟
عزلتى ليست بحثا عن سعادة لا أملك روحا لتحقيقها؛ ولا عن طمأنينة لا يمتلكها أحد إلا عندما لا يفقدها أبدا، وإنما عن حلم، عن انطفاء، عن تنازل صغير.

       الجدران الأربعة لغرفتى هى بالنسبة إلىّ، فى آن واحد، زنزانة ومسافة، سرير وتابوت. ساعاتى الأكثر سعادة هى تلك التى لا أفكر فيها بشىء، ولا أرغب فى شىء، ولا أحلم بالرغبة فى شىء.. أستمتع بمرارة بالوعى الباطل لكونى لا شىء، بالطعم المسبق للموت والاختناق.



*********

حتى الكف عن النظر يؤلم العينين.

*********

"لرجل النحيف ابتسم بخمول. نظر إلىّ بارتياب خال من سوء النية. ثم ابتسم من جديد، لكن باكتئاب. ثم غض، مرة أخرى عينيه، صوب الصحن وواصل عشاءه فى سكون.



*********


عندما أنهى عملا معينا أبقى بلا حراك، مجمدا وحزينا. لأن نزوعى الفطرى إلى الكمال يثنينى عن الإنهاء؛ ويثنينى حتى عن البداية. غير أننى أتلهى بالقيام بما أقوم به. وما أتوصل إليه موجود فىّ، وهو ليس من عمل الإرادة، وإنما نتاج التخلى عنها. وأبدأ لأننى لا أقوى على التفكير؛ وأنتهى لأننى لا أقوى روحيا على التأجيل، هذا الكتاب هو ترجمان جبنى.

*********


أن أكتب بالنسبة إلىّ، معناه أن أحتقر نفسى؛ لكنى لا أستطيع التخلى عن الكتابة. الكتابة مثل المخدر الذى يثير اشمئزازى ومع ذلك أتناوله، مثل بلية أحتقرها وأحيا فيها وبها.



*********


دائما عندما يوجد بداخلى فعل أعرف أننى لم أكن إياي.



*********


"أحسد الناس جميعا لكونهم ليسوا أنا.

*********


إن إنجازى لعمل من الأعمال الإبداعية ثم اكتشافى لمساوئه بعد تأليفه، هو أحد مآسىّ الروحية الكبرى، خاصة عندما أكتشف أن ذلك العمل هو أفضل ما أمكننى إنجازه. لكن لجوئى إلى كتابة عمل معين، مع معرفتى المسبقة بأنه لا بد أن يكون ناقصا وفاشلا، بل وملاحظتى ذلك أثناء عملية الكتابة: هو أقصى حالات التعذيب والإذلال الروحى. أنا لا أحس بعدم الرضا بالأشعار التى أكتبها وحسب، وإنما أعرف أن الأشعار التى علىّ أن أكتبها لن تنال رضاى بدورها. أعرف ذلك فلسفيا وجسديا.


       لماذا أكتب إذن؟ لأننى، أنا الداعى إلى التنازل والانسحاب، لم أتعلم بعد ممارسة هذا التنازل على أتم وجه. لم أتعلم التخلى عن النزوع إلى الشعر والنثر. علىّ أن أكتب كما لو كنت أنفذ عقابا. والعقاب الأكبر هو معرفتى بأن ما أكتبه باطل فاشل وغير يقينى.

*********


لم أفكر أبدا فى الانتحار باعتباره حلا، لأننى أبغض الحياة بسبب عشقى لها.



*********



أريد من الآلهة أن يحفظونى كما لو فى خزانة، فى منجى من مرارات الحياة ومباهجها أيضا.