الخميس، 17 أبريل 2014

اقتباسات - الفيلسوف ايمانويل كانط






 ايمانويل كانط عاش بين  (1724 - 1804) فيلسوف ألماني يعتبر من أهم فلاسفة القرن الثامن عشر.








ذكر شوبنهور عن كتاب " نقد العقل الخالص" الذي وضعه "كانط" بأنه أعظم الكتب في الأدب الألماني وأكثرها أهمية , وعنده أن الإنسان يبقى طفلاً في معرفته إلى أن يفهم "كانط" . لم يستطع سبنسر فهم كانط . وقد يكون هذا هو السبب في أنه لم يبلغ الذروة في الفلسفة . وما أجدرنا في هذه المناسبة أن نذكر العبارة التي قالها هيجل في سبينوزا , فنقول عن كانط : لكي يكون المرء فيلسوفا لا بد من أن يدرس كانط أولاً .

من الصعب دراسة هذا الفيلسوف بطريقة مباشرة , والأفضل إذا أردنا أن نقرأه أن نسبق قراءة ما كتبه بما كتب عنه . لأنه يكتب بأسلوب يحيطه الغموض والتعقيد , ولا يحاول سياق الأمثلة لتوضيح أفكاره , زاعما أنها تطيل كتابه الذي بلغ ثمانمائة صفحة على الرغم من محاولته اختصاره , وهو يقول أنه يكتب للفلاسفة المحترفين . ومع ذلك فقد عجز هؤلاء عن فهم كتابه , وذلك عندما أرسل كانت نسخة منه إلى صديقه هرز ليطلع عليها . وكان هرز معروفا بسعة إطلاعه وعمق تأمله . أعاد هرز الكتاب إلى كانط بعد أن قرأ نصفه قائلاً : إنه يخشى على نفسه الجنون لو واصل قراءة الكتاب .

ول ديورانت


                                           ************



لقد امتاز كانط بالانطواء على نفسه , وكان يحمل في رأسه أعظم ثورة في الفلسفة الحديثة . لقد صب حياته في قالب لا يحيد عنه من النظام والدقة كما يقول أحد مترجمي حياته . فكان يستيقظ في الصباح , فيبدأ بشرب القهوة , فالكتابة , فالمحاضرة , فالغداء , والخروج من منزلة طلبا للمشي والنزهة. وكان يفكر في كل شيء تفكيرا طويلا قبل أن يقدم عليه . وبقي عازبا طيلة حياته , لقد فكر بالزواج مرتين , ولكنه أطال التفكير في المرة الأولى إلى أن تقدم للسيدة التي أراد الزواج بها خطيب آخر أشد سرعة منه , وفي المرة الثانية انتقلت السيدة التي أراد أن يخطبها من مدينة كونسبرج قبل أن يستقر قراره على الزواج منها . وربما أعتقد مثل نيتشه بأن الزواج سيحول بينه وبين البحث الأمين عن الحقيقة .

ول ديورانت

                                       ***********



لقد تحدى كانط في البداية ما ذهب إليه لوك والمدرسة الإنجليزية فقال: بأن المعرفة ليست مستمدة كلها من الحواس والتجربة . لقد أنكر هيوم النفس والعلم , وقال إن عقولنا ليست سوى أفكارنا المتتابعة المتعافبة . وأنه لا يجوز لنا أن نقطع برأي يقين . وأن ما نسميه بالآراء اليقينية ليست سوى احتمالات معرضة دائما لخطر نقضها ونفيها . وأجاب كانط على ما ذهب إليه هيوم بقوله : " إن هذه النتائج الخاطئة التي انتهى إليها هيوم هي نتيجة للمقدمات الخاطئة التي افترضها . لقد زعم هيوم أن كل معرفة الإنسان تأتي عن طريق الأحاسيس المنفصلة والمختلفة .إن هذه السلسلة من الأحاسيس لا تقدم لك تتابعا ضروريا أو سياقا ثابتا يجعلك على يقين إلى الأبد . نحن نسلم بأن اليقين المطلق للمعرفة أمر مستحيل , لو كانت كل المعرفة تأتي عن طريق الإحساس , من عالم خارجي مستقل لا يعدنا بالسير بانتظام . إذ لو كان هذا هو مصدر المعرفة الوحيد لسلمنا بنتيجة هيوم من أن يقين المعرفة مستحيل .

ويقول كانط " إن التجربة ليست الميدان الوحيد التي تحدد فهمنا , لذلك فهي لا تقدم لنا إطلاقا حقائق عامة , وبذلك فهي تثير عقلنا المهتم بهذا النوع من المعرفة بدل أن تقنعه وترضيه . لذلك لا بد أن تكون الحقائق العامة التي تحمل طابع الضرورة الداخلية مستقلة عن التجربة واضحة ومؤكدة في نفسها . إذ لا بد أن تكون حقيقية , بغض النظر عن نوع تجربتنا الأخيرة , وحقيقية حتى قبل التجربة "

لن نعتقد أو نصدق طيلة حياتنا بأن اثنين زائد اثنين يمكن أن يسفر عن عدد غير الأربعة . إن مثل هذه الحقائق حقيقية قبل التجربة . ولكن من أين نحصل على هذه الحقائق المطلقة ؟ ليس من التجربة , لأن التجربة لا تعطينا شيئا سوى أحاسيس منفصلة وحوادث قد تغير تعاقبها في المستقبل . إن هذه الحقائق تستمد نوعها الضروري من تركيب عقولنا الفطري , من الطريقة الطبيعية الحتمية التي يجب أن تعمل عليها عقولنا . لأن عقل الإنسان ليس لوحا جامدا من الشمع تكتب عليه الأحاسيس , والتجربة إرادتها المطلقة والمتقلبة وليس سلسلة من الحالات العقلية . إنه عضو نشيط يسبك وينسق الإحساسات إلى أفكار , عضو يحول ضروب التجربة الكثيرة المشوشة وغير المنظمة إلى وحدة من الفكر المنظم المرتب ".


ول ديورانت



                                           ****************




كتب "كانط" إلى صديقه ميندلسون في عام 1766 م يقول إنني أفكر في أشياء كثيرة أوقن بصحتها ..ولكني لم أجد الشجاعة إطلاقا على الافصاح بها . ولكن لن أقول شيئاً إطلاقا لا أعتقد بصحته .
لقد أعلن المتدينون العقائديون بأن " نقد العقل الخالص " لكانط , محاولة شاك يحاول بها تقويض يقين المعرفة . وقال أصحاب الشك : إن هذا الكتاب ادّعاء وقح يحاول بناء صورة جديدة من اليقين في العقيدة على أنقاض الأنظمة الماضية . وقال المعتقدون بما فوق الطبيعة إنه حيلة مدبرة خبيثة لمحو أسس الدين التاريخية وإقامة المذهب الطبيعي بلا جدال . وقال الطبيعيون إنه دعامة جديدة لفلسفة الإيمان التي تحتضر . وقال الماديون أنه مثالية تحاول نقض حقيقة المادة , وقال الروحانيون : إنه تحديد لا مبرر له للحقيقة كلها وحصرها في العالم المادي .
والواقع أن عظمة هذا الكتاب ومجده تقع في تقديره لجميع وجهات النظر وذكاء كانط نفسه , ولعله قد وفق بينها وصهرها جميعها في بوتقة من وحدة الحقيقة لم تشاهد الفلسفة لها مثيلا في تاريخها الماضي كله . حسبنا أن نقول إن أفكار القرن التاسع عشر الفلسفية كانت تلف وتدور حول آرائه .


ول ديورانت

 

هناك تعليق واحد:

  1. كانط الانسان المليء بالطاقة التي لامثيل لها

    ردحذف