الأربعاء، 16 مارس 2016

اقتباسات متفرقة / الجزء الثاني







الخصائص الذهنية للتخلف على النحو التالي:

1- الخصائص الذهنية المنهجية: وتتميز باضطراب منهجية التفكير من جهة، وقصور الفكر الجدلي من جهة أخرى، ويتجلى اضطراب منهجية التفكير بما يعانيه الذهن المتخلف من قصور الفكر النقدي؛ فهناك عجز عن الجمع في سياق واحد بين الأوجه الموجبة والأوجه السالبة، بين المميزات والعيوب لمسألة ما، إنه يعجز عن الذهاب بعيدا في تحليله للأمور لأنه لا يدرك أن لكل ظاهرة مستويات من العمق، وهو يكتفي بالمستويات السطحية التي تشكل عادة قناعًا يخفي الحقيقة، وهو من ثم يقوم بإطلاق الأحكام القطعية والنهائية بشكل مضلل، وهو إضافة لذلك.. يتميز بانعدام المثابرة فهو ينطلق بحماس كبير، ولكنه يفقد حماسه بالسرعة نفسها، ويتميز الفكر المتخلف أيضا بانعدام الدقة والضبط، وكل شيء يظل على مستوى التقدير الإجمالي والانطباع العام، كل ما سبق يؤدي إلى العجز عن التخطيط للمستقبل، الذي نرى أفقه ضيقًا عند الإنسان المتخلف، أما ضعف الفكرالجدلي فهو لب الذهنية المتخلفة؛ فهي جامدة قطعية وحيدة الجانب، تخفق في إدراك الترابط والتفاعل الشبكي بين الظواهر وما ينتج عنه من حركية وتغير.
 2-الخصائص الذهنية الانفعالية: إن طغيان الانفعالات وما يرافقها من نكوص على مستوى العقلانية ظاهرة مألوفة في الأزمات، ولكنها عند الإنسان المتخلف تكاد تكون الأسلوب الأساسي في الوجود، إنه يعيش في حالة من التوتر الانفعالي الذي ينبث في حنايا شخصيته معطلا القدرة على الحكم الموضوعي والنظرة العقلانية للأمور، إن العجز عن التصدي العقلاني الموضوعي للمشكلات والأزمات الحياتية يدفع بالمرء إلى النكوص إلى المستوى الخرافي، إلى الحلول السحرية و الغيبية، وكلما زاد القهر والعجز تفشت الخرافة، ولهذا فليس من المستغرب أن نجدها تعيش في عالم المرأة لأنها -أكثر من غيرها- قد حرمت أهم إمكانات المجابهة العقلانية الموضوعية للواقع، وهي بدورها تعمل على نشر الخرافات، وترسيخ التفكير الغيبي من خلال غرسهما في ذهنية الطفل، إلى أن يكبر مع بقاء الخرافة متأصلة في أعماقه، جاهزة للبروز أمام الصعاب.

مصطفى حجازي

*********



عوامل تخلف العقلية

لب تخلف العقلية يكمن -حسب المؤلف(مصطفى حجازي)- في أسباب اجتماعية سياسية، هي المسئولة عن نمط الإنتاج وأدواته وانعكاساته على الذهنية، وتختصر في اتجاهين أساسيين:
الأول: سياسة التعليم وتخلف الذهنية؛ حيث يعاني المتعلم في العالم المتخلف من استمرار الذهنية اللاعلمية لتضافر عدة أسباب: شدة غرس التفكير والمعاش الخرافي في ذهنه منذ الطفولة، سطحية التعليم وعدم مكاملته في الشخصية لبعده عن تناول القضايا الحياتية والاجتماعية، الانفصام بين العلم النظري والتجربة المعاشة، الخوف من التصدي للتيارات السائدة من قبيل الخوف من الاتهام بالإلحاد، حفاظا على لقمة العيش في مجتمع قامع، لا يضمن حرية الفكر، ولا يؤمن للإنسان غده، وهكذا تسد السبل على أكثر من صعيد أمام تجاوز تخلف الذهنية والارتقاء بها إلى المنهجية العلمية المضبوطة.

والثاني: علاقات التسلط والقهر وتخلف الذهنية؛ حيث يعاني الإنسان من قهر وتسلط يمتد معه منذ الطفولة، حيث القهر الذي يمارسه الأبوان في الأسرة، ومن ثم تتابع المدرسة القهر من خلال عملية "تدجين وخصاء فكري"، إلى أن تسلمه إلى المجتمع وما فيه من قهر أثناء التدريب المهني وفي العمل وفي كل مكان، وهكذا يحدث لديه شلل في الفكر النقدي، وتقلص في مدى حركته ومرونته نتيجة فرض الطاعة دون منحه حق النقاش والفهم.


محمد أبو هلال


*********



حالات هدر طاقات الشباب في بلاد الهدر:

*
أولا أنظمة الاستبداد والعصبيات فهي تركز على الولاء والتبعية , وليس حول الأداء والانتاجية . ولهذا فلا وزن كبيرا أو أولوية حيوية لبناء الكفاءات وحسن توظيفها . وتستبعد الكفاءات كي تقرب الرداءة بدلا منها , مادامت تتنافس في اظهار كفاءتها في الولاء . يحيط المستبد ذاته بمجموعة من المتفانين في خدمة سلطانه , ويغدق الاعطيات , أو يتيح لهم النهب المنظم الذي يكون له منه النصيب الأوفر , بينما لا يطيق كل صاحب كفاءة يعمل للصالح العام , بعيدا عن تملق السلطان .

*
ثانيا العصبيات التي تقوم من حيث التعريف على التعصب للجماعة ورئيسها وعزوتها وشوكتها , لقاء الحماية والمنافع . العصبيات لا تبني أوطاناً , ولا تقيم عمرانا , بل هي تعزز شوكتها كي تبسط نفوذها على مزيد من الثروات الوطنية . تماما كما تفعل القبائل القوية في سيطرتها على مزيد من المراعي الخصبة . إنها تأكل وتغتني ليس من الإنتاج والبناء . بل من ثمار حد السيف فعليا أو رمزيا . وبالتالي فلا مكان لبناء وإنماء , ولا للكفاءات.

*
الهدر في التعليم تتخرج أجيال من الشباب المهدور الذي غذى الطموحات , ورعى أحلام بناء مستقبل زاهر خلال سنوات الدراسة , كي تصطدم بالواقع المرير المتمثل في غياب فرص العمل من ناحية , وتواضع تكوينها المعرفي والمهاري المهني بما يمكنها من التنافس على فرص العمالة المتاحة من ناحية ثانية .

أما شباب الظل الذي تسرب من الدراسة , ولم يحظى حتى بهذه الفرص المتواضعة من التكوين والتأهيل فوضعه أشد مأزقية وكارثية .

مصطفى حجازي



*********



لم يعد الكبار يشكلون مرجعية فعلية للجيل الصاعد , على صعيد المعرفة على الأقل , الجيل الصاعد يتقن التعامل مع تقنيات المعلومات وقواعدها , بل هو يعيش بها ولها أحيانا , لدرجة أصبح معها هو المرجع للكبار حين تستعصي عليهم أسرار عملياتها التشغيلية . الجيل الجديد هو بصدد استبدال مرجعية الشبكة العنكبوتية بمرجعية الكبار . وهنا تبرز ملامح أزمة في العلاقة مع الكبار , حيث تفقد سلطتهم مشروعيتها , بعد أن فقدت مرجعيتها.

إلا أن هؤلاء الكبار لا زالوا يتحكمون بزمام مصير جيل الشباب على مستوى الواقع . ذلك مأزق آخر متمثل في تحكم من فقد مرجعيته , وبالتالي أصبحت مشروعيته موضع تساؤل , بجيل الشباب وطموحاتهم , مما يبدو غبنا مضافا إلى غبن العوز مع تفتح الأعين.


مصطفى حجازي



*********


يشكل القمع الناتج عن التحريم حالة أشد أثرا من هدر الرغبة . التحريم لا يقتصر تأثيره على النشاط العاطفي أو الجنسي فقط , بل هو يتوسل قمع حركية الجسد عموما . ينشأ عن ذلك ما أطلق عليه تسمية الدرع العضلي الذي يؤدي إلى تصلب مرونة وانطلاقة الحيوية العامة للجسد , ويتعمم الأمر كي يصل في حالات التحريم والقمع المفرط إلى التزمت الخلقي الذي يصبح نوعا من الطبع المتصلب الانقيادي الخاضع الذي يحرم المبادرة على الذات , بينما ينطلق في حالة من الحرب العدائية على كل انطلاقه حيوية , أو مبادرة جسدية سلوكية عند الآخرين.




مصطفى حجازي

*********



إن الاكتشاف الأعظم الذي شهده جيلي والذي يقارن بالثورة الحديثة في الطب كثورة البنسلين هو معرفة البشر أن بمقدورهم تغيير حياتهم عبر تغيير مواقفهم الذهنية.

وليم جيم




*********


هذا التسامح مع الطغيان ، بل ومع أبشع صور انتهاك حقوق الإنسان ، يدل على عطب كبير في الضمير العربي / الإسلامي ، بل يقودنا إلى الشك في وجود هذا الضمير أصلا . هل يحق لنا إزاء كل ما حدث من مآسٍ على مر تاريخنا ، وما قيل إزاء ذلك وما يقال الآن أن نتساءل : هل استطاعت ثقافتنا من بداية تكونها أن تصنع ولو ضميرا صغيرا منحازا إلى الإنسان ؟ ، هل خرج هذا الضمير إلى الوجود ، أم أنه أجهض منذ بداية تخلّقه في خلاياه الأولى ؟ ، ماذا كانت تصنع ثقافتنا منذ أكثر من ألف عام ؟ ، هل كانت ثقافة تتوفر ولو على القليل من الإنساني ، أم أنها كانت بالكامل ثقافة طغاة وطغيان ، وتشريع لهؤلاء وأولئك؟

هامشية الإنسان ، وكونه آخر ما نفكر فيه ، لم يحدث بين يوم وليلة . إنه لم يصبح ثقافة طاغية حاكمة للوعي العام ؛ إلا عبر تراكمات ضخمة في أزمنة متتالية ، كانت تعمل عملها على مستويات : الشعور واللاشعور الجمْعيين . واستمرت التراكمات تعزز كل ماسبق ؛ لأنه وللأسف ليست ثمة ثورة إنسانية حقيقية على المستوى الثقافي على امتداد تاريخنا الطويل . وما حدث هنا وهناك ، لم يكن إلا انتفاضات خافتة ، وأدتها في مهدها أمواج الثقافة الأقوى والأعتى ؛ فلم يبق منها إلا ذكريات تثير الشجون ، وتبعث الأسى إلى درجة الجنون .

إذا كان مثال صدام يعكس حالة الوعي العربي المأزوم ، عندما يقوم بانقلاب كامل على الإنسان ، أي عندما يقوم بنقل شخصية ما ، من خانة : (أكبر المجرمين) إلى خانة : (الأبطال والشهداء والصالحين) ؛ فإن ضمور الإنسان يحدث في المقارنات التي يقيمها الوعي العربي المأزوم بين حُكامه اليوم . فالحاكم المبجل والمعظم والبطل ..إلخ الألقاب الباذخة في هذا الوعي ، هو الحاكم الذي مارس أعلى درجات القهر والسحق ، وفتح أكبر المعتقلات وأباد بشتى السبل الوحشية أكبر عدد من الناس . بينما الحاكم الذي لم يفعل إلا القليل النادر من ذلك ، بل وربما فتح كثيرا من مجالات الحرية التي كانت مغلقة من قبله لعشرات السنين ، واهتم ولو قليلا بالإنسان ، يُدْرِجه الوعي المأزوم في خانة : الضعفاء ، بل وربما في خانة الخونة المجرمين.

الوعي العربي لا يمارس تقييم حكامه وقادته على أساس إنساني واقعي ، ولا على أساس مساحات الحرية المرتبطة عضويا بالشأن الإنساني ، بل على أساس العنتريات الفارغة التي لم تحقق شيئا .

هنا لابد أن يبرز السؤال الأصعب ، والأشد إيلاما : هل العربي لا يحب إلا من يهينه ، هل هو لا يحترم إلا من يقمعه ، وكلما زادت درجة القمع زاد مستوى الاحترام ؟ هل العربي يستهين بمن يكرمه ، ويستضعف من يلين له ، هل المعيار لدى العربي هو إنساني ؛ ولكن بالمقلوب ، أي بكل ما يضاد بل وينفي الإنسان ؟

انظر الآن إلى حال مصر ، فرغم كل شيء ( وضع تحت كلمة " شيء " ما تشاء ) ، لا أحد ينكر مساحات الحرية المتاحة ، ولا التطورات الإيجابية في مستويات المعيشة ، ولا الاستقرار الذي يتأبى على كثير من الاستفزازات الإقليمية التي يقوم بها الحمقى والمغفلون . ومرة أخرى ، أتقبل وأتفهم ما تمارسه كثير من الشخصيات المعارضة والأحزاب من نقد ، بل ومن هجوم ، بل ومن هجاء ؛ شرط أن يكون ممن يطمح إلى إرساء قيم الحرية وكرامة الإنسان . لكن ، أن يتم ذلك بواسطة من يترحمون على أيام عبدالناصر ، ويرونه بطلًا ومحرراً ، أن يكون ذلك ممن يشتمون واقعهم ويشيدون بالزمن الناصري ، زمن المعتقلات والهزائم وسحق الإنسان وضياع الأوطان بالحماقات ، فهذا ما لا يمكن فهمه ولا تفهمه أبدا ؛ إلا بالإحالة إلى منجز وحيد ، هو منجز الطغيان.


محمد المحمود